الرئيسيةغير مصنف

عين شرشار تواجه أزمة عطش: أسباب متعددة ومسؤوليات مشتركة

بقلم الصحفي مواس عماد
تُعاني بلدية عين شرشار بولاية سكيكدة، شأنها شأن العديد من المناطق في الجزائر، من أزمة ماء خانقة، تزداد حدتها مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة. هذه الأزمة ليست وليدة الصدفة، بل هي محصلة لتراكم عدة عوامل، تبدأ من سوء الإدارة وتصل إلى غياب الوعي المجتمعي، مروراً بالإهمال والبيروقراطية.

### الجزائرية للمياه: نقطة تحول نحو الأسوأ

يُجمع الكثير من المتضررين على أن تفاقم الأزمة بدأ عندما تنازلت البلدية عن تسيير توزيع الماء الشروب للشركة **الجزائرية للمياه**. ففي الوقت الذي رفضت فيه بلديات أخرى التنازل عن هذه المهمة الحيوية، وتمكنت بفضل ذلك من تفادي أزمات مشابهة، وجدت عين شرشار نفسها رهينة لقرارات شركة يُنظر إليها على أنها “فاشلة” في أداء مهامها. هذا التنازل، الذي كان يُفترض أن يحسن الخدمة، أتى بنتائج عكسية تماماً، ليضع البلدية وسكانها في مواجهة عطش مُركب.

### التعديات على الأنابيب وإهمال الصيانة

في فصل الصيف، يزداد الطلب على الماء بشكل كبير، خاصة من قبل الفلاحين الذين يعتمدون على المياه لإنجاح محاصيلهم. وفي عين شرشار، يُعد أنبوب الماء المتجه من سد زيت العنبة إلى عزابة، ومن ثم إلى عين شرشار، هو الشريان الوحيد لإمداد المنطقة بالمياه. إلا أن هذا الشريان يتعرض لتعديات مستمرة. فقد أصبح “البيكاج” أو التوصيلات غير الشرعية على هذا الأنبوب أمراً شائعاً، حيث يتجاوز عدد المتعدين المئة شخص، بالإضافة إلى محطتي روسيكادا ومركز التكوين المهني، مما يُشكل ضغطاً هائلاً على الشبكة ويقلل من كمية الماء الواصلة إلى عين شرشار.

والأكثر إثارة للقلق هو غياب الصيانة والإهمال الواضح من قبل مسؤولي الجزائرية للمياه في كل من عزابة وعين شرشار. فالكثيرون شاهدوا بأم أعينهم كيف أن تسربات المياه لا يتم إصلاحها، وكيف أن اللجان المُبرمجة لتلحيم تقطعات الأنبوب تُلغى في آخر لحظة دون مبرر واضح، مما يُفقد المواطن الثقة في أي حلول جذرية. يُضاف إلى ذلك أن الكمية المتفق عليها من الماء القادمة من عزابة إلى عين شرشار غالبًا ما لا تصل بالكامل، مما يزيد من حجم المعاناة.

### سوء التوزيع وضعف المطالبة بالحقوق

حتى في ظل نقص الكمية المتوفرة، يظل سوء التوزيع عاملاً رئيسياً في تفاقم الأزمة. فالعديد من الأحياء والمناطق تعاني من عدم انتظام وصول الماء، أو من وصوله بكميات قليلة لا تكفي لسد الحاجة، مما يُشير إلى غياب تخطيط فعال وعادل لعملية التوزيع.

أما العامل الخامس الذي يكرس الأزمة، فهو عدم وعي المواطنين الكافي بضرورة المطالبة بحقوقهم بشكل فعال ومنظم. فالشكوى في المقاهي والحديث عن المشكلة دون التحرك للمطالبة بحلول جادة لا يُشكل أي ضغط على المسؤولين، الذين يجدون في هذا السكوت راحة ويُعفون أنفسهم من عبء البحث عن حلول حقيقية.

### الآبار الارتوازية: حلول مُهدرة ومشاريع مُعطلة

يُعد السبب السادس والأكثر أهمية في تعميق أزمة الماء بعين شرشار هو إهمال الآبار الارتوازية التي صرفت عليها الدولة ملايين الدنانير، ورغم ذلك تظل غير مستغلة منذ سنوات. هناك بئر ارتوازي بجانب أرض بيطاط، وآخر بجسر الحمام، وبئرين في سيدي سعيد، بالإضافة إلى بئر حجار السود المار إلى عزابة والذي يمكن التزود منه، ولكنه يُعاني حاليًا من تسرب بالقرب من مقبرة الواد الكبير، حيث تُهدر مياهه وتُستغل بطرق غير منظمة من قبل الفلاحين.

إضافة إلى ذلك، هناك مشروع بقيمة اثني عشر مليار دينار جزائري، وصل إلى نسبة إنجاز كبيرة، لكنه توقف لأسباب إدارية غير مفهومة. لو تم استغلال هذه الآبار والمشاريع المعطلة، لكانت عين شرشار في منأى عن أزمة العطش التي تُرهق سكانها اليوم.

إن حل أزمة الماء في عين شرشار يتطلب تضافر جهود الجميع، من السلطات المحلية إلى المواطنين. فهل ستتحرك الجهات المسؤولة أخيراً لتصحيح الأخطاء السابقة، وتفعيل الحلول المتاحة، ووضع حد لمعاناة سكان عين شرشار مع العطش؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار