
تحولت سهول منطقة سيافة الفلاحية، الواقعة جنوب مدينة عزابة، والتي كانت فيما مضى خضراء يانعة، إلى ما يشبه “الحصير البالي”. ويعود السبب في ذلك إلى الجفاف المستمر الذي يضرب هذه المنطقة الفلاحية هذا الموسم بشكل غير مسبوق. وباتت مساحات واسعة من المنطقة أراضي بور، فيما خيّم اليأس على معنويات المزارعين.
جفاف غير مسبوق
تظهر الآثار المباشرة للجفاف بوضوح على المشهد الطبيعي: لقد حلّ اللون الأصفر محل الخضرة. وتوقفت آلات الحصاد الصاخبة، التي كانت تعمل لساعات طويلة لتقشير سنابل الحقول الواحدة تلو الأخرى، عن العمل، أو تكاد.
السيد عافري حمدي، وهو فلاح من منطقة سيافة، يمسح العرق المتصبب على جبهته وهو يتجول في أرضه الزراعية وحظيرته ليُظهر عواقب ما يصفه بأحد أسوأ موجات الجفاف التي تضرب المنطقة منذ سنوات.
ويأسف المتحدث قائلاً: “لقد ضاعت بالفعل محاصيل القمح والشعير، والمزارعون غير متأكدين حتى من قدرتهم على إنتاج ما يكفي من الحبوب لزرع الموسم القادم”.
وأكد الفلاح أن الجفاف منتشر في كل مكان، مشدداً على أن محاصيل الحبوب الكبرى لها دورة نمو تتطلب الكثير من الماء، ولكن لم تُروَ حاجتها هذا العام، ما يعني أنه لن يكون هناك حصاد في هذه المنطقة باستثناء المزروعات المروية. وأوضح قائلاً: “هذا الوضع سيؤثر بلا شك على الموسم المقبل. كما أن التعويضات تُصرف عادةً متأخرة جداً، مما يمنع الفلاح من تعويض خسارته في العام التالي وحرث حقله من جديد”.
كما أشار عافري حمدي إلى أن جميع الأنشطة الفلاحية مهددة، بما في ذلك تربية المواشي التي ستعاني من نقص الأعلاف، إضافة إلى حقول الزيتون وإنتاج الفواكه والخضروات.
وأكد: “نحن نطلب تضامن جميع المتدخلين. ننتظر تدخل الدولة والمنظمات المعنية، ولا سيما الجزائرية للمياه، لإنقاذ الوضع، وكذلك مديرية الفلاحة من خلال الإنجاز العاجل لحفريات مائية”.
موسم فلاحي كارثي
وصرح المتحدث قائلاً: “لنتحلَّ بالواقعية! هذا الموسم كارثي. سيتم جني ثلث المساحة المزروعة في المنطقة فقط. لا يوجد حصاد للباقي لأنه لا يوجد شيء يُحصَد حقاً”.
وأصر السيد عافري على أن “موسماً كارثياً بالمعنى الحرفي للكلمة سيكون له تأثير كبير على تربية المواشي في الموسم القادم 2025-2026. الجفاف يؤثر على جميع أنظمة الإنتاج، مثل الحبوب الكبرى، وتربية المواشي، وأشجار الزيتون”.
فيما يتعلق بالوضع في المناطق المروية، أشار المتحدث إلى أنه “ليس من الممكن حقاً الحديث عن مناطق مروية حالياً في سيافة، بالنظر إلى أن مياه الري لم تعد تصل إلى وجهتها، حيث تتناقص احتياطيات السد، الذي يعد المصدر الرئيسي للمياه”.
نداء للتدخل الاستراتيجي
إن الجزائر، التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة لاقتصادها وأمنها الغذائي، في حالة تأهب قصوى لمواجهة هذا الوضع الذي يهدد الاقتصاد المحلي، لأنه يؤثر سلباً على قطاع الصناعات الغذائية بأكمله.
يُدعى صنّاع القرار وجميع المتدخلين في القطاع الفلاحي إلى إيجاد وسائل مبتكرة ومستدامة لمواجهة هذه الأزمة، مثل استخدام تقنيات زراعية مكيفة مع المناخ الجاف أو تطوير أنظمة ري فعالة يمكن أن تساعد في التخفيف من الآثار الضارة الناجمة عن الجفاف.
كما يدعو بعض الخبراء إلى التنفيذ العاجل لمجموعة من الإجراءات التي يجب تطبيقها فوراً للتكيف مع الوضع والحفاظ على مستقبل الزراعة الجزائرية.
ملاحظة: (صورة مرفقة)

